الفصل 031 : بداية المطاردة.

----------------------------

بعض مرور بضعة دقائق، كان الثلاثة راكبين القطار وقد اقتربوا من وجهتهم، فكانت (جودي) تتحدث:

"حسنا، إن لم أكن مخطئة، يجب علينا أن ننزل في المحطة التالية. بعدها، سوف نتبع طريقا ترابياً معينا هناك، محافظين على وجهتنا مباشرة نحو الشمال. سوف يأخد منا ذلك حوالي 30 دقيقة مشياً من هناك.

فقالت لها (لورين): "هل تستطيعين العثور على أي شيء حول المستشفى أو القرية؟ لأنني وجدت معلومات قليلة جداً، بأن ذلك المكان مهجور ومنبوذ من الناس."

ردت عليها (جودي): "يقولون بأن شارع أوغسطين مسكون بالأشباح... قصص عن كيانات بيضاء، أضواء غير قابلة للتفسير، روايات نفسية وكل أنواع الغموض حول تلك المنطقة..."

انفجر (أورين) ضاحكاً على ما كانو يقولونه، وقال لهم: "كم نحن محظوظون لأننا لا نؤمن بتلك الخزعبلات!!"

ولكن في نفسه كانت روحه تريد الخروج من مكانها والعودة إلى المنزل من شدة الخوف وكان يقول مع نفسه:

(أوه يا إلاهي، سوف نموت جميعاً!)

***

وصل الثلاثة إلى القرية المقصودة، فلقد كانت قرية صغيرة وخالية من الناس لذلك فهو يعتبر مكان جيداً لـ(ليليث) حتى تعمل على أبحاثها بدون إزعاج.. وكان (أورين) متفاجئاً من ذلك المكان فقال:

"اللعنة، هذا المكان وكأنه مدينة أشباح. هل تعتقدان أن يكون أي شخص لا يزال يعيش هنا؟"

كانت (لورين) متّكِئة على أحد الأبواب المهترئة والرثة، وقالت له:

"على حد علمي، لا، لا أحد يعيش هنا."

و(جودي) كانت في المقدمة تحدق في كل الأبواب والنوافذ المغلقة البعيدة، وقالت أيضاً:

"سمعت بأنه كان هناك مصنع للفحم هنا. كانوا قد صنعوا هذه المنازل من أجل العُمّال، وكنيسة، ومحلات تجارية، ومستشفى من أجل الأشخاص الذين يصابون في المناجم، لذا فقد أصبحت بعد ذلك بلدة مستقلة.."

ثم توقفت عن السير وأكملت: "على كل حال، المصنع قد تم إغلاقه قبل 15 سنة، وجميع العمّال قد تركوا هذا المكان. وأصبح منبوذا منذ ذلك الحين."

علق (أورين) على تلك الرواية ساخرا: "ذلك يبدو وكأنهه قصة لفلم رعب."

حينها بدأت السحب تتجمع في السماء، وبدأ اللون الأرزق الداكن للمساء يتحول إلى اللون الرمادي. وكان صوت الرعد يرتفع شيئاً فشيئاً.

فقالت (جودي) وهي تنظر إلى السماء: "أعتقد بأنها سوف تمطر..."

وقال (أورين) ساخرا مجدداً من الوضع:

"أرأيتم؟ لقد كنا نفتقر فقط إلى عاصفة رعدية. هذا هو المزيج المثالي حتى نتعرض للقتل. إنه مثل ذلك الوضع حيث تقول وأنت تشاهد فلم رعب: 'لماذا هم ذاهبون إلى هناك؟ إنهم أغبياء، سوف يتعرضون للقتل هناك!'"

قالت لهم (لورين) بقلق:

"لا أعلم بشأن القتل ولكني لا أريد أن اُحاصَر تحت عاصفة رعدية. ربما يجب علينا السير حول المكان لمرة واحدة أخيرة ثم بعدها نغادر من هنا."

وافق الآخران على ما قالته (لورين) وبدأوا يستكشفون في أماكن متفرقة. فكان (أورين) أمام زقاق صغير ومسدود حيث يوجد باب خشبي مهترئ وعريض قليلا ودرج صغير وقديم جدا تحته مباشرة، فكان ينظر إلى هناك وهو شارد الذهن، حتى بدأ يشعر بالعصبية الشديدة من شدة الخوف.

رفع رأسه عاليا، لينظر إلى النوافذ التي كانت مغلقة بألواح خشبية بشكل عشوائي وغير منظم، وأطراف المباني التي نبتت فيها الطحالب، فقال: "من الواضح أن الجميع قد تركوا منازلهم حتى أصبحوا بهذا الشكل..."

ثم صرخ عاليا: "مرحبا! هل هناك أحد هنا؟"

لكن لم يجبه أحد، فاستدار حتى يعود أدراجه ويلحق بالفتاتان، وفجأة وفي تلك اللحظة التي استدار فيها لمح شخصا في نهاية الشارع الصغير، كان يراقبه ولكنه هرب بسرعة! استغرب (أورين) وقال مخاطباً أختَيْه وهو لا يزال يحدق بذلك المكان: ماكان ذلك بحق ال.... هاي هل رأيتم ذلك؟ لقد كان شخص ما هناك! أليس كذلك؟" وكان يشير باصبعه وهو يرتعد قليلا.

فقالت (جودي) ومن صوتها بدت على أنها خائفة: "لم أرَ شيئاً..."

وقالت (لورين) وهي قلقة: "هل تحاول إخافتنا؟!"

عندما استدار (أورين) إلى أختيه ليحاول أن يقنعهما بما رآه، وجدهما بالقرب من بعضهما وكانتاً خائفتان، فتوقف ثم قال بعدها:

"فقط انتظروني هنا، سوف أذهب لكي أتحقق من ذلك المكان."

فذهب يهرول بذلك الإتجاه، وعندما وصل وجد بأنه لا يوجد أحد وبأنه لا يوجد هناك أي مكان حتى يختبئ فيه ذلك الشخص، بل كان فقط مدخلاً لمنزل وكان هناك باب خشبي ومغلق، حينها توقف (أورين) وعقله لا يصدق ذلك، فلقد رأى للتو شخصاً يتطفل عليهم ويراقبهم من هذا المكان. فكان يتساءل إن كان فقط يتخيل. في تلك اللحظة لم يرغب (أورين) أن يبقى هناك لمدة أطول.

فنادت عليه (جودي) من بعيد وقالت له: "(أورين)! تعال إلى هنا! أسرع!"

أستدار (أورين) وذهب إليهم بعد أن إبتعدوا كثيراً، فوصل إليهم وقال لهم:

"حسنا يا فتيات... أعتقد بأنه علينا العودة... ماذا هناك؟"

ردت عليه (جودي) بحماس وسعادة: "لقد وجدناه! مستشفى شارع أوغسطين!"

كان (أورين) ينظر إلى جميع الإتجاهات وكان ذلك المكان مليئاً بالبراميل الخشبية المحطمة والغير المحطمة، وكان المكان الذي قالوا عليه بأنه المستشفى، يبدو فقط كمبنى عادي جدا مثل المباني الأخرى وكان له باب عريض وكبير. فقال لهم وعينيه ضيقتين: "هذا؟ هذا لا يبدو كمستشفى."

ردت عليه (جودي) ولا زال حماسها لم ينطفئ:

"ولكنه كذلك! كانت اللوحة مغطاة بالطحالب ولكن لا زال بامكاننا قرائتها!"

فقالت (لورين) التي كانت متكئة على باب المستشفى:

"يبدو بأن هناك شيء ما يمنعنا من فتح الباب، فهو ليس مغلقاً. سنستطيع فتحه إن دفعناه بثلاثتنا."

كان (أورين) متردداً ويفكر في سلامة الجميع أولا، فقال:

"علينا أن نأتي في يوم آخر، إن بدأت السماء تمطر، فسوف يكون علينا الإنتظار حتى..."

لم يكمل كلامه، حتى بدأت السماء تمطر بالفعل بعد صوت رعد قوي، فلم يعجب (أورين) الأمر وأخد يسب ويلعن الوضع السيء الذي هم فيه. ولم يكن أمامهم سوى الدخول إلى المستشفى والبقاء فيه حتى تتوقف العاصفة.

فقالت (جودي): "أعتقد بأنه يوجد فقط هذا الطريق الذي أمامنا."

وقال (أورين) أيضاً بعد أن جعله تساقط المطر البارد على رأسه يهدأ قليلاً: "أعتقد ذلك. يجب علينا الآن أن ننتظر حتى تتوقف هذه العاصفة الرعدية على كل حال."

حينها تقدمت (لورين) وبدأت تدفع الباب وبدأ الآخران أيضاً بدفع الباب معها. وبعد ثوان معدودة، تم فتح الباب بنجاح وفور دخولهم قاموا بإغلاقه ورائهم مباشرة.

كان المكان في الداخل مظلما ولم يستطع الثلاثة الرؤية هناك، ما عدى وجود بعض الأضواء الخافتة جداً والتي هي حتى لن تخولهم ولن تسهل عليهم مأمورية إستكشاف المكان براحتهم. فقال (أورين) هامسا مع نفسه:

"يا رجل، إنه غريب هنا. لا أستطيع رؤية شيء."

كانت (لورين) تبحث في أحد جيبوها والتي هي أيضاً كانت ترتدي نفس زي (جودي)، وأخرجت مصباحاً يدوياً، ومدته إلى (أورين) الذي كان في المقدمة وقالت له: "خد، استخدم هذا المصباح."

فشكرها وأخد المصباح وقام بتشغيله. وكان حينها كل شيء واضح أمامهم، حيث كان المكان فوضوياً للغاية، الأوراق كانت مبعثرة والغبار والقذارة تملأ كل مكان، استدار إليهما وبدأ يقول بجدية هامساً:

"حسنا، سوف ندخل، ونبحث عن المكون س.ت.م.ج، ونخرج من هنا. لا يجب على أحدنا أن يموت، وبحوالي العاشرة ليلاً، الثلاثة بنا سوف نكون في المنزل نشاهد مسلسلاً معينا على نيتفلكس ونتناول بعض الناتشو. هل فهمتما؟"

لم يجب أحد على ما قاله (أورين)، ولاحظ بأن (جودي) تغمغم وكان يبدو عليها القلق فسألها:

"ما المشكلة، (جودي)؟"

فردت عليه بقلق: "لا شيء... إنه فقط... هذا المكان. يحسِسُني بشعور سيء."

حاول (أورين) مواسات (جودي) وقال لها:

"سوف ينتهي كل هذا قريباً. ولا تقلقي لقد جئناً إلى هنا ونحن مستعدين! إن لم نفترق فسوف يكون كل شيء على ما يرام. وفي بضعت سنوات من الآن سوف نتذكر بأننا أنقذنا العالم!"

بينما كان (أورين) يتحدث، كانت (جودي) تظهر ابتسامتها الجميلة شيئاً فشيئاً حتى اختفى قلقها وقالت:

"هاها، إذا قلت كذلك، فسوف أصدقك. دعنا ننقذ العالم!"

في تلك اللحظة وقبل أن يباشروا مهمتهم، أخرج (أورين) المسدس الذي أعطاه له (آشماداي)، كان قد فكر من قبل بأنه لن يحتفظ بالمسدس لنفسه، لذلك فقد مده إلى (لورين) وفور أن حملته في يدها، حملته ببراعة شديدة ومع ذلك الزي الذي ترتديه فقد كانت تبدو رائعة.

فقالت له (لورين): "هذا إختيار ذكي منك!"

وعلقت (جودي) على شكل أختها مع المسدس: "تبدين مثيرة مع ذلك يا أختي!"

كانت (لورين) تبدو سعيدة وهي تحمل المسدس، وردت عليها: "هاها، أجل، أعتقد بأني كذلك!"

كان الثلاثة مستعدين تماما، فقال (أورين) قبل أن يتعمقوا في الداخل:

"حسنا، يا مستشفى شارع أوغسطين... حان الوقت حتى نكتشف الأسرار التي تخفيها..."

يتبع..

2022/02/02 · 99 مشاهدة · 1251 كلمة
نادي الروايات - 2024